التراث شرقاً والتراث غرباً
الغربيون عاشوا ثلاث ثورات حولت مجتمعهم إلى ماهم عليه اليوم ، وهذه الثورات قد زلزلت النظم الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية ، وهذه الثورات هي :
1- ثورة النهضة
حدثت في بداية القرن السادس عشر عندما طلق الأوروبيون إرث القرون الوسطى القائم على الإنصياع الأعمى لتعاليم وإرشادات وسياسيات ومعايير الإنسانية التي كانت تضعها الكنيسة الكاثولوكية المتزمتة آنذاك وغير القابلة بقوانين العقل والعقلانية ، وقد حصلت هذه الثورة المخملية والناعمة في مجال الآداب والفنون على نحو خاص0
2- الثورة الفرنسية
وحدثت في عام ( 1789 ) وقد شكلت أول ثورة شعبية ديمقراطية في العالم ، تمخضت عن نظام حكم جديد عرف بالجمهورية ، فأضحت بعدها إدارة شؤون الناس السياسية شاناً عاماً تديرها العامة لا الخاصة 0
3- الثورة العلمية
وحصلت خلال القرن التاسع عشر على شكل ثورة صناعية وضعت التكنولوجيا والعلوم في رأس قائمة المعارف الإنسانية ، وحيث لا تزال كذلك ، لذلك تجد الغربي يدخل إلى إرثه الثقافي من باب الحاضر ، لا من باب الماضي 0
- عند الغرب ، يرممون التراث ليس إحياءً للتراث وإنما محافظةً على الذاكرة ، بحيث إن عين الزائر الغربي ، وهو يتمشى في المدينة القديمة ليست عين الإنبهار بالماضي وإنجازاته ، بل عين الإحترام للماضي وعين النقد ، فهو يتفحص ما تقع عليه عيناه ويقارن بينه وبين ما آلت عليه الأمور0
- فالإبتعاد المتعمد الذي يميز علاقة الغربي بتراثه ، موقف فكري شامل لا يسعنا فهمه إلا بربطه بالثورات الثلاث التي تفصله عن تراث القرون الوسطى 0 هذا التراث الذي يقبل به كجزء من ذاكرته الجماعية والثقافية ويرفضه ضمناً كجزء من حياته المعاصرة0
- الغربي يتعامل مع التراث على أساس أنه جزء لا يتجزأ من الماضي ، ولا تحصل تعابيره بالتالي على القبول إلا بشكل انتقائي ونقدي 0 ومصفاة العقلانية الحديثة هي التي تقرر حالات القبول وحالات الرفض في سياق عملية فكرية وتربوية على السواء0
- التراث لا يشكل للغربي عصراً ذهبياً أياً كان هذا التراث ولذا تجده يبحث عن العصر الذهبي في المستقبل 0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق