خواطر مستفادة من كتاب قصة الفلسفة الحديثة لـ زكي نجيب محمود
عبدالله الباكري Binbakry@hotmail.com
لم أقرأ الفصول الأولى من الكتاب والخاصة ببدايات الفلسفة عند الإغريق وتجاوزت الكتاب حتى الفصل الخاص بـ فرانسيس بيكون 0
ينصح بيكون كما نصح من قبله أرسطو باجتناب الثورات ما أمكن ذلك وخير سبيل لهذا هو التوزيع العادل للثروة بين الناس ولكن هذا لا يجعل من بيكون اشتراكياً فهو يؤمن بالفوارق بين الناس 0
أساسه الجديد في البحث
إذا أردت أن تفكر التفكيرالسليم عليك أن تخلص عقلك من الشوائب العوالق فيه كالتعصب والجمود 0
الأوهام الأربعة
1- أوهام الجنس
طبائع البشر بصفة عامة وثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وهذا يجعل الإنسان يظن نفسه وجماعته هو المقياس للبشر بينما الواقع والحقيقة أن ما يدركه الإنسان بعقله وحواسه ليس إلا صورة لنفسه أكثر منها تصويراً للكون الخارجي 0
يقول بيكون " ليس العقل كالمرآة الصافية التي تعكس صور الأشياء كما هي تماماً ولكنه كالمرآة الملتوية التي تمزج صورة نفسها بصورة الأشياء التي تصورها فتصيبها بالفساد والتشويه "0
2- أوهام الكهف
ترديد لمقولة أفلاطون عن أوهام الكهف 0
قدم بيكون طريقة عملية جديدة للبحث عن الحقيقة وهي ( طريقة الإستقراء)
وهي عبارة عن عدة خطوات :
1- جمع الحقائق – تجميع الأمثلة والدلائل 0
2- كشف الصور – المقارنة بين هذه الحقائق حتى نكون صورة عن الموضوع 0
3- جدول الإستنتاج – يشترط لصحة السير أن تنظم تلك الأمثلة 0
توماس هوبز Thomas hobbes
ولد في انجلترا عام 1588م وكان صديقاً لبيكون ، له أبحاث فلسفية سياسية تعطي الحاكم حرية التصرف الكامل وبلع كل من يقاوم الدولة 0
رينيه ديكارت Rene Descartes
من عائلة فرنسية كبيرة ، قضى حياته متنقلاً ومرتحلاً بين الجيش والرحلات ومقابلة الملوك حتى ألقى عصا ترحاله في هولندا حيث اعتزل الناس ما يقارب العشرين عاماً ولما سمعت به ملكة السويد أرسلت له في طلبه فلبى دعوتها ولكنه مات هناك لأنه لم يستطع أن يقاوم البرد العنيف 0
أشهر كتبه ( العالم ) الذي أخفاه بعد أن سمع بمحاكم جاليليو ، ومن أشهر كتبه أيضاً مقالات فلسفية وتأملات فلسفية أولى 0
جون لوك ( 1632- 1704 )
ولد لوك في انجلترا في نفس السنة التي ولد فيها الفيلسوف الهولندي من أصل برتغالي واليهودي سبيونزا ، ومات لوك وله من العمر ثلاثة وسبعون عاماً وقد شهد له معاصروه جميعاً بالإخلاص للحق والتفاني في سبيل الحرية كما عرف في قومه بالإعتدال والحكمة أما كتاباته فقد امتازت بالقوة والوضوح ودقة الأسلوب ، وأهم كتبه آراء في التربية ، مقاله في العقل البشري 0
كانت Kant
لا توجد لكانت سيرة ذاتية بمعنى تعاقب الأحداث وتسلسلها كما هو الحال عند فولتير او روسو أو بقية الفلاسفة فحياته كلها والتي قاربت الثامنة والسبعين عاماً منظمة نظاماً عجيباً لا يتغير أو يتبدل على الإطلاق فقد كان يستيقظ صباحاً ثم يشرب قدحه من القهوة ثم يكتب كتاباته ثم يذهب للجامعة ويلقي محاضراته ثم يعود للبيت ويتناول غداءه ثم يخرج في حوالي الرابعة والنصف عصراً بالتمام والكمال للتنزه ، ويروى عنه أن الناس كانت تضبط ساعاتها على الرابعة والنصف إذا رأوه خارجاً من بيته وقت النزهة فقد كان لا يترك هذه النزهة مهما كانت الأسباب وحتى في وقت هطول المطر ولم يرو عنه أنه ترك هذه النزهة إلا عندما وقع بين يديه أحد كتب الفيلسوف الفرنسي الشهير ( روسو ) فأعجبه إعجاباً عظيماً حتى أنه نسي خروجه لهذه النزهة !!!
لم يشهد تاريخ الفكر فلسفة بلغت من السيادة والسيطرة على الأفكار في عصر من العصور ما بلغته فلسفة عما نويل كانت في القرن التاسع عشر0
كتابه ( نقد العقل المحض ) زلزل قوائم التفكير السائد والذي لا يزال أثره قوياً عميقاً حتى اليوم 0
شوبنهاور أعجب بهذا الكتاب اعجاباً شديداً حتى قال إن الرجل يظل طفلاً حتى يفهم كتاب كانت ( نقد العقل المحض ) 0
نقد العقل الخالص The critiques of pure reason
شغل العقليون والتجريبيون أنفسهم بمسألة المعرفة فذهب الأولون إلى أنها تحصل بواسطة العقل المحض وبه وحده يحصل العلم بالأشياء 0
جاء كانت فأخضع العقل لهذا التحليل النقدي وهو لا يريد أن يهاجم العقل أو ينكره ولكنه أراد إلى أي حد يستطيع العقل المحض أن يحصل المعرفة وهو يقصد بالعقل الخالص العقل الذي لا يعتمد في تحصيل المعرفة على التجربة أوالحواس وإنما ينشئها من تلقاء نفسه بحكم طبيعته وتركيبه ، وبعبارة أخرى فقد أراد كانت من هذا الكتاب هل يستطيع العقل بفطرته الغريزية أن يصل إلى المعرفة من دون الحواس من العالم الخارجي 0
استهل كانت كتابه بنقض ما ذهب إليه لوك والمدرسة الإنجليزية التجريبية كلها فزعم أن المعرفة لا تستمد كلها من الحواس ( وهذه النقطة كان قد أخذها من روسو ) ، فالمدرسة الإنجليزية كانت قد انتهت إلى النتيجة التي انتهى إليها هيوم من إنكار وجود العقل وبعبارة أخرى وجود العلم لأن هذا يقوم على ذلك 0
غالى الفرنسيون في تمجيد العقل في العصر الذي يسمى بعصر التنوير والذي يمثله فولتير ، وفي هذا العصر ( التنوير ) استشرى الإلحاد بين الناس بواسطة كتاب التنوير حتى قالوا إن الثورة أنزلت الله من عرشه ( تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ) كما أنزلت أسرة البوربون من عرشها ، فطغى الإلحاد في فرنسا حتى أصبح سائداً بين الأندية وحتى أخذ به رجال الكنيسة أنفسهم ، إلا أن الدين عاد واستشرى بين الناس بسبب أن أفكار الإلحاد التي لم تجد لها صدىً في قلوبهم كما أن الفطرة السليمة للإنسان تقتضي الإيمان 0
روسو ( 1712 – 1773 )
وقف روسو وحده في فرنسا يحارب المادية ويعارض الإلحاد الذي جاء به عصر التننوير ، وفي عام 1749م أجرت أكاديمية باريس مسابقة بعنوان ( هل أدى تقدم العلوم والفنون إلى إفساد الأخلاق أم إلى إصلاحها ؟ ) ففاز بها روسو الذي قال إن تقدم العلوم والفنون أدى إلى فساد الأخلاق وأن الثقافة والتعليم عندما انتشرت بين الناس فسدت أخلاقهم وأصبح الشر أقرب إلى نفوسهم منه إلى الخير فحيثما تنشأ الفلسفة تهبط الأخلاق 0
وكان روسو يدعو الناس إلى ممارسة رياضة القلب والمحبة ، وبدأت سيدات باريس يتباهين في النوادي على رقة المشاعر والإحاسيس بناءً على فلسفة روسو بعد أن كان الرجال يتباهون بالعلم والثقافة والعقل بناءً على فلسفة فولتير 0
فولتير وعصر التنوير
كان فولتير قبيحاً بشعاً مختالاً ومعجباً بنفسه ولكن الشيء المثير فيه خصوبة عقله وتألق فكره الذي لا ينضب أو يكل 0
كتب فولتير ما يقارب 99 كتاباً تتألق كلها بنور الحكمة والفائدة ، ومن أشهر مقولاته :
• من لا يعمل لا قيمة لحياته وكل الناس أخيار إلا الكسالى 0
• الكتب تحكم العالم الذي له لغة مكتوبة أما بقية الشعوب فلا تهم 0
• التاريخ ليس سوى مجموعة من الأباطيل والخدع التي نلعب بها على الأموات بحيث نحول الماضي ليتناسب مع رغباتنا في المستقبل 0
• جرد التاريخ من الفنون وتقدم العقل فلن تجد شيئاً 0
• إن تاريخي وموضوعي هو تاريخ العقل البشري 0
• الشعوب القديمة كانت تؤمن بخرافات وأساطير من وضع وابتكار القساوسة والكهنة والرهبان 0
يقول عنه فكتور هيجو : اسم فولتير يصف القرن الثامن عشر كله ، لقد أمضى فولتير حياته كلها في العمل ، فلقد كان لإيطاليا نهضة ولألمانيا إصلاح ولفرنسا فولتير 0
أما وول ديورانت فقد كتب عنه أجمل فصول كتابه الشهير ( قصة الفلسفة ) وكان واضحاً جداً تأثره به وإعجابه بسيرته وشخصيته وطريقته في كتابة التاريخ 0
على الرغم من النفي والسجن ومصادرة أتباع الكنيسة والدولة كل كتبه تقريباً فقد شق طريقه بجرأة وبقوة لإعلان الحقيقة 0
دعا فولتير إلى التخلص من العادات والتقاليد البالية ودعا إلى نظام المدينة والقانون بينما دعا روسو إلى العودة إلى الطبيعة وقد شبت بين الإثنين عداوة ضارية خلال القرن الثامن عشر 0
لم يكن فولتير ولا روسو السبب في الثورة الفرنسية وإنما هما والثورة نتاج طبيعي للقوى التي كانت تفور وتموج وتضطرب تحت سطح الحياة الفرنسية السياسية والإجتماعية 0
ولد فولتير في باريس سنة 1694م ودخل الباستيل سنة 1717م وعندها لقب بـ فولتير وكان اسماً مستعاراً يكتب من خلاله قبل الباستيل واسمه الحقيقي فرانسوا ايريت 0
بعد أن لمع اسمه في آفاق فرنسا بل وأوروبا أحاطت به الطبقة المثقفة والطبقة الأرستقراطية وأحالته إلى أعظم مثقف في العالم وظل ولمدة ثماني سنوات يحظى بضوء الرعاية الحكومية فكان نبراس الصالونات الأدبية الباريسية 0
وفي إحدى الليالي حدث كلام بين فولتير الذي لم يكن يميزه عن النبلاء إلا نبوغه وشهرته وبين النبيل ( دي روهان ) الذي خاطبه : من هذا الشاب الذي يتحدث بصوت عال 0 فأجابه فولتير على الفور : يا سيدي إن من يتحدث لا يحمل اسماً كبيراً ولكن ينال احترام الناس باسمه 0
وبعد ذلك دفع اللورد جماعة من الأوغاد للإعتداء على فولتير ليلاًَ وقال لهم : اضربوه في كل مكان من جسده إلا رأسه فلعل عقلاً كبيراً سيخرج منه 0ثم صدرت الأوامر بنفيه إلى انجلترا فسافر إليها وبقي لمدة ثلاث سنوات حيث حضر دفن جثمان العالم الفيزيائي ( اسحاق نيوتن ) الذي كان فولتير معجباً به أشد ما يكون الإعجاب فقد درس أبحاثه وقوانينه ووعاها جيداً وتأمل الموكب الحكومي المهيب في دفن جثمان هذا العالم بالرغم من أنه ليس نبيلاً ولكنه من الطبقة المتوسطة فاندهش إعجاباً من الإنجليز وثقافتهم 0
رسائل عن الإنجليز
وفي انجلترا شرع فولتير بدراسة اللغة الإنجليزية وقد اندهش من جو الحرية الذي ينعم به أدباء انجلترا من أمثال بوليتنج روك و بوب و أديسون 0
في انجلترا شعب له آراؤه الخاصة وشعب أصلح دينه وشنق مليكه وأنشأ مجلساً نيابياً أقوى من أي حاكم في أوروبا ، كما أنه لا يوجد باستيل في انجلترا وهنالك ثلاثون مذهباً مختلفاً ينعمون جميعهم بكامل الحرية !!
لا يسع المرء إلا أن يعجب من السرعة التي استوعب فيها فولتير آداب انجلترا وعلومها وفلسفتها ، فلقد جمع كل هذه العناصر المختلفة من المعرفة وسكبها بنار الثقافة والروح الفرنسية وأسماها ( رسائل عن الإنجليز ) 0
لقد هاجم في هذا الكتاب الطبقة الأرستقراطية الكسولة في فرنسا ورجال الدين الذين يجمعون الأعشار والتبرعات كما هاجم الباستيل والإضطهاد الفكري 0
وفي عام 1729م أذن العرش لفولتير بالعودة إلى فرنسا فرجع إليها وتمتع بـ خمس سنوات أخرى من الكرامة إلا أن كتابه ( رسائل عن الإنجليز ) وقع في يد ناشر لئيم فنشره بدون علم فولتير مما دعا السلطات إلى إصدار الأوامر بالقبض على فولتير فهرب 0
وفي أخريات حياته اشترى ضيعة في إحدى ضواحي جنيف وأسماها ( النعيم ) بعيداً عن مطاردة حكام باريس وبرلين المستبدين 0
عندما كتب فولتير التاريخ لم يتحدث عن الملوك والأمراء بل تحدث عن الحركات والقوى والجماهير وكان يتناول الجنس البشري لا الدول ويتكلم عن العقل البشري وتطوره لا عن الحروب والأزمات ، وهكذا أنتج فولتير أول فلسفة عن التاريخ وأول محاولة لتتبع الأسباب الطبيعية في تطور العقل البشري 0
بعد أن أقام في منزله ( النعيم ) كما كلن يسميه كان يزرع أشجار الفاكهة وكان سعيداً جداً في حياته يقابل كل طبقات الناس ويقابلهم جميعاً بمستوى واحد من الأخلاق والنبل 0
لقد زاره في منتجعه جميع مثقفوا العالم من الرهبان المعجبين به والأرستقراطيون الأحرار والسيدات المثقفات وثوار عصر التنوير كما قصده من خارج فرنسا العديد من مثقفوا وأدباء العالم ولكنهم من كثرة أعدادهم كانوا قد أرهقوا فولتير وكبدوه العديد من النفقات وكان يشكو من ذلك بقوله : إنه أصبح مديراً لفندق أوروبا كلها!!!
من أشهر أعماله ( روايد كنديد ) وقد كتبها في أخريات حياته كما أنه قد اتخذ شعار( اسحقوا العار ) وحرك روح فرنسا كلها ضد الكنيسة ولكن الكنيسة عرضت عليه منصب – كردينال – في محاولة للوصول معه إلى صلح ولكنه رفض العرض وفي المقابل أوقف هجومه وتوقف عن كتابة سلسلة رسائله الشهيرة ( أوقفوا العار ) وشرع بعدها في كتابة رسائل عن التسامح الديني 0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق